SZ Next | منتجات مبتكرة تُسهّل عملية تحضير القهوة

في الصين، حيث يُعتبر الشاي المشروب الأبرز، كانت آلات صنع القهوة في الماضي من المنتجات المستوردة الغريبة، لكنها أصبحت اليوم واحدة من أقوى المنتجات التي تصدّرها البلاد. وبحسب بيانات الجمارك الأخيرة، بلغ عدد آلات القهوة التي صدرتها الصين 95.55 مليون وحدة في عام 2023، إذ يتم إنتاج واحد من كل ثلاثة آلات قهوة في منطقة خليج غوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى.

تأسست شركة "تشينو تكنولوجي (شنتشن)" (Cino Technology) في عام 2008، وقد برزت كشركة رائدة في مجال ابتكار وتصنيع آلات القهوة. ومقرها في مقاطعة باوآن بشنتشن، نجحت الشركة في تطوير أول آلة قهوة كبسولية تجارية في الصين، كما أطلقت أول آلة قهوة يمكن استخدامها داخل السيارات على مستوى العالم.

تملك الشركة أكثر من 270 براءة اختراع، وحازت على لقب "الشركة التكنولوجية الوطنية"، وأدرجت ضمن قائمة "المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة والدقيقة والابتكارية" في شنتشن. وبذلك، استطاعت أن تجد لنفسها مكانًا في البيئة التكنولوجية المزدهرة بالصين كرائدة في أنظمة القهوة الكبسولية.

وقال المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة ستيف ليو إن الشركة تعمل على فتح آفاق جديدة في تقنيات المشروبات عبر حلول متطورة لأنظمة القهوة الكبسولية تشمل الاستخدام المنزلي والمكتبي والتجاري وحتى داخل السيارات. ومنذ عام 2010، تمكنت الشركة من بيع أكثر من 5 ملايين آلة قهوة كبسولية إلى عملاء في 87 دولة ومنطقة حول العالم.

إعادة تعريف عملية تحضير القهوة

قال ليو: "يضم معظم عملائنا سلاسل قهوة مرموقة أو موزعين في أسواقهم المحلية. دائمًا ما تبنينا فلسفة تبسيط عملية تحضير القهوة، بهدف مساعدة عملائنا على إدارة أعمالهم بشكل أسهل".

وقد حققت فكرة "قهوة مبسطة" نجاحًا عالميًا - إذ تشير بيانات من مؤسسة "يورومونيتور" إلى أن آلات القهوة الكبسولية تشكل اليوم 65% من آلات القهوة المنزلية في أوروبا، أكبر سوق للقهوة في العالم.

قبل تأسيس "تشينو"، كان ليو يعمل في التجارة الخارجية وكان يسافر كثيرًا إلى إيطاليا لأداء مهام العمل بين عامَي 2002 و2003. ولدى مشاهدته لكيفية تحضير الإيطاليين للقهوة باستخدام القدور التقليدية (Moka pots)، أدرك أن هذه الطريقة التقليدية معقدة وغير عملية للاستخدام اليومي. وقال: "بدأت أتساءل، هل هناك طريقة أفضل تسهل على الناس تحضير القهوة بكفاءة"؟

وقد ولدت هذه الفضول لديه رحلة استكشافية لإيجاد وسائل تُسهّل عملية تحضير القهوة، مما أدّى إلى تطوير آلة تعتمد على الكبسولات المعبأة مسبقًا. وباستخدام كبسولات تحتوي على كمية محددة من القهوة المطحونة مسبقًا، اختصرت العملية الزمنية لتحضير القهوة بشكل كبير.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكبسولات المصنوعة من الألومنيوم المغلق بالنظام النيتروجيني تحافظ على طراوة القهوة المطحونة حديثًا لمدة تصل إلى 18 شهرًا، مقارنةً بساعتين فقط دون هذا النظام، وهو تطوّر ثوري جعل آلات الكبسولات تحتل 40% من سوق القهوة المنزلية في أوروبا.

وقال ليو إنه بعد ملاحظة المعاناة التي يواجهها البائعون المحترفون (Baristas) في الوفاء بالطلب خلال أوقات الذروة بسبب التعقيد الكبير في الطرق التقليدية لتحضير القهوة، بدأت الشركة بالتركيز على تصنيع آلات كبسولات تجارية.

إن العمليات التقليدية تتضمن خطوات معقدة متعددة — طحن البن، قياس الكمية، ضغط القهوة، ثم أخيرًا تحضير الشراب - وكل خطوة تضيف تعقيدًا وعدم اتساق..

وقال ليو: "سألنا أنفسنا، هل يمكن لآلات الكبسولات التجارية أن تحل هذه المشكلة؟ مع الكبسولات، يحتاج البائع المحترف إلى تنفيذ خطوة واحدة فقط هي التحضير. وهذا يوفر حوالي 70% من الوقت الذي تستغرقه عملية تحضير القهوة، مما يزيد الإنتاجية في أوقات الذروة ويحسّن الربحية للشركات".

الميزة التنافسية

وبحسب ليو، فإن الميزة الأساسية التي تميز "تشينو" عن منافسيها هي قدرتها على توفير خدمة شاملة من نقطة واحدة. وقال: "نحن نقدم حلولًا كاملة لأنظمة القهوة الكبسولية في جميع السيناريوهات. على سبيل المثال، في المكاتب والمنازل وفي السيارات وحتى في البيئات التجارية، نوفر حلولاً مخصصة لكل حالة".

لكن ما يميز "تشينو" أيضًا هو خدماتها الشاملة من البداية إلى النهاية، حسب تصريح ليو. وأضاف: "نحن لا نبيع فقط الآلات، بل ندعم عملاءنا عبر كامل العملية - من تطوير الفكرة وتصميم المنتج وإنتاجه إلى إدارة سلسلة الإمداد والخدمات ما بعد البيع.".

أسواق متنوعة

تتركز أسواق "تشينو" الحالية على الأسواق الخارجية، مثل كوريا الجنوبية وأوروبا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية وأفريقيا. ومع ارتفاع إيرادات الصادرات بنسبة 25% على أساس سنوي لتصل إلى 22 مليون دولار أمريكي في عام 2024، تتوقع الشركة زيادة هذه الإيرادات بنسبة 20% هذا العام.

وقال ليو: "بتنويع أعمالنا عبر مختلف المناطق – وليس التركيز على منطقة واحدة فقط - ضمانا لاستمرارية عملنا. كما يقال، لا تضع كل بيضك في سلة واحدة." وأضاف أن السوق الأمريكية تشكّل أقل من 5% من إجمالي أعمال الشركة.

وأوضح ليو أن الشركة تقوم بتخصيص الآلات وفقًا لتفضيلات كل سوق. فعلى سبيل المثال، تصنع آلات ذات ضغط منخفض لتلبية طلب الأمريكيين على القهوة السوداء، وآلات ذات ضغط عالٍ موجهة لمحبي الإسبرسو الأوروبيين.

ومن المتوقع أن تظهر فرص جديدة في الدول المشاركة في مبادرة "الحزام والطريق". ومع نمو اقتصاداتها وارتفاع مستويات المعيشة لديها تدريجيًا، تشهد القهوة الكبسولية إقبالًا متزايدًا من الطبقة الوسطى في هذه الدول. وأشار ليو إلى أن أسواق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا ستكون محور تركيز الشركة في توسعاتها المستقبلية.

نمو محلي في زخم

رغم أن الصين بلد تقليدي في استهلاك الشاي، إلا أنها كانت تتخلف عن البلدان الغربية والعديد من دول آسيا المجاورة في استهلاك القهوة. لكن يبدو أن السوق المحلية بدأت تتعافى بسرعة مع ازدياد اهتمام الشباب بالقهوة وارتفاع معدلات التحضر، ويُنظر إلى الصين على أنها واحدة من أكثر الأسواق الواعدة في مجال القهوة.

وبحسب موقع "كانيان.كوم" المختص في البيانات المتعلقة بالمشروبات والأطعمة، تم افتتاح 66,920 مقهى قهوة في الصين خلال العام الماضي. وبحسب تقرير نوفمبر الصادر عن شركة "اي ميديا ريسيرش" المتخصصة في دراسات السوق، بلغت قيمة سوق القهوة الصيني 624 مليار يوان (حوالي 86.24 مليار دولار أمريكي) في عام 2024، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمته تريليون يوان هذا العام.

وفي ظل هذا السياق، قال ليو إن السوق المحلية تتمتع بإمكانات هائلة. وقال: "نعتقد أنه خلال الخمس إلى العشر سنوات القادمة، من المرجح أن تدخل آلات القهوة إلى ملايين المنازل الصينية".

وبمقارنة المستهلك الصيني مع نظرائه في الخارج، فإن المستهلك المحلي يتطلع إلى معايير أعلى من الجودة، مما دفع "تشينو" إلى تطوير تصميمات مبتكرة تتناسب مع مختلف السيناريوهات، بما فيها آلات صغيرة الحجم وصديقة للأنشطة الخارجية، لتلبية الاهتمام المتزايد في الصين بالرحلات البرية والتخييم.